زيارة بابا الفاتيكان...تطبيع أو لا تطبيع

مشاهدات



سمير داود حنوش


منذ أن هبطت طائرة الحبر الأعظم البابا فرنسيس على أرض مطار بغداد الدولي، حتى إنقسم أغلب العراقيين إلى معسكرين وكلٌ يدافع عن مبرراته وغاياته من قبول هذه الزيارة والترحيب بها أو التشكيك منها، فالطرف المُرحِب أو المُحيّي لهذه الزيارة برر ترحابه بالبابا بأن العراق وبعد أن سار ببعض الخطوات وترك بصمات لابأس بها في محيطه العربي يتوجب عليه أن يُعزز هذا الوجود والأنفتاح بأتساعٍ أكبر لأنفتاح دولي وإقليمي خصوصاً بعد العزلة الدولية التي شهدها العراق بعد غزوه دولة الكويت أستمرت لما بعد عام 2003.

أما الطرف المُتشكك أو المُتخوف فهو الذي كان يراقب بدقة إيحاءات الحبر الأعظم الكلامية ومقاصد معانيه في كل الخُطب والجُمل التي ألقاها ومما زاد في شكوكهم بالقادم وأجندته ذلك الحديث المستمر عن توصيف الزيارة بالحج، وأُغرق هؤلاء في توصيفات مترابطة مع فكرة التطبيع مع إسرائيل، وكما يقولون فأن الشيطان يسكن في التفاصيل كان هؤلاء يتسلحون بتبريرات تُعزز شكوكهم ظل البابا فرنسيس يُكررها جملاً وعبارات حول معنى الأخوة والسلام وإن علينا جميعاً أن نصبح أخوة مُتصالحين، وأن تكون أور مزاراً لكل الأديان باعتبارك أن سيدنا أبراهيم عليه السلام ولد في هذه المدينة وهو ماتُريده الرواية اليهودية (الإسرائيليات) حسب إعتقادهم.

وفي ظل كل هذه التكهنات والأستنتاجات لاينسى هؤلاء المعترضون تصريح السيد بهاء الأعرجي نائب رئيس الوزراء الأسبق عندما أعلن أن التطبيع سيبدأ من النجف الأشرف، ورغم كل الأعتراضات التي رافقت هذا الأعلان إلا أن أي باحث أو مُتخصص لايجب أن يتغافل عن هذا التصريح خصوصاً وأنه صادر من سياسي عمل في مطابخ السياسة لفترات لايُستهان بها وأنه مُطلّع على حوارات ونقاشات دهاليز الغُرف المظلمة في أروقة السياسيين.

ومنذ أن كنا طلاباً في الكلية تعلمنا أولى أبجديات السياسة وهي أن لاصديق دائم ولا عدو مستمر وهكذا تولدت لدينا قناعة أن متغيرات السياسة ومناخ الحالة الآنية لبلد مثل العراق يعيش مناخات متقلبة وأمزجة متغيرة قد تفرض عليه واقعاً جديداً حسب ماتقتضيه الظروف، فمن كان يظن أن أمريكا عدوة العراقيين في تسعينيات القرن الماضي وحتى قبلها والتي أجرت تجارب أسلحتها المحرمّة دولياً على أجساد العراقيين وقادتْ في حينها أكبر تحالف دولي ضد العراق لغزوه الكويت ستكون اليوم الراعي الرسمي لبعض أقطاب السياسة والحليف الأكبر لهذا البلد وتمتلك أكبر سفارة في العالم على أرض بغداد، من كان يظن أن المزاج السياسي سيتحول من تلك العداوة إلى هذه الصداقة وفي كل الأحوال فمن المؤكد أن القادمات من الأيام ستحمل الكثير من المتغيرات وستكون حُبلى بالمفاجآت إن كان العراق مقبل على تطورات ومتغيرات كبيرة أم أنها مجرد تكهنات وتحليلات سننتظر ونرى ونسمع ماستحمله إلينا الأحداث والأيام القادمة.

إرسال تعليق

0 تعليقات