نزار العوصجي
لست انا فقط من يقطع نومه ويستيقظ بعد منتصف الليل ، نتيجة تهالك بعض اجزاء من جسمه ، ليس نتيجة سنين العمر فقط ، بل نتيجة التفكير والاحباط بانك فائض عن الحاجة البشرية ، انت ومجتمع كامل تعيش معه ، وان النهاية قد قربت ، ولم ترى حلمك بان تعيش حق العيش ..
لا بأس بجولة على اليوتيوب ، ويستوقفني جسر يبنى حاليا بالصين يختصر المسافة بين مدينتين صناعيتين كبيرتين ، يفصل بينهما البحر من مائة وعشرون كيلو متر الى خمسون كيلو متر ..
ويختصر الزمن من ساعة وربع الى اربعين دقيقة ، وسط الازدحامات الشديدة صباحا ، حتى يصل العمال الى منازلهم او مكان عملهم ..
وبسبب قرب المطار من اقرب نقطتين للربط بين المدينتين .. قرروا مرور الجسر من هذه المسافة تحت الماء ..
ستنفق الصين مليارات اليوانات من اجل فارق زمني ٤٥ دقيقة ..
ستترك تحفتها الفنية السابقة للجسر القديم الذي يجتاز البحر يربط بين المدينتين ، وهي الآن تبني جسر آخر توخت فيه الدقة وفن العمارة من اجل ٤٥ دقيقة ..
كم ٤٥ دقيقة ضاعت في حياتنا بجلوسنا على المقاهي لمناقشة قضية تاريخية مضى عليها ١٤٠٠ سنة .. كم تكارهنا وبغض بعضنا البعض من خلال الخلاف والاختلاف حول مسائل تاريخية واهمها واكبرها من الاولى بالخلافة .. كم قضينا من الوقت لنثري قضايا استهلكت اجسام واعمار اهلنا بالثرثرة ساعات طويلة وتبقى تدور جيلا بعد جيل ..
الصين تبني ونحن في كل عام ننفق شهور ، نقدم يزيد فيها للمحاكمة لانه قتل الحسين والطيور والشمس تسخر منا .. يوميا تمر الشمس تضحك لانها تجدنا ننتظرها نيام ..
الصين تنفق المليارات من اجل فارق دقائق ، ونحن نستهلك الوقت نتشمس بالشتاء ونتفيا بالصيف .. نستهلك الوقت بالاماني والحصول على المال من مصباح علاء الدين السحري ، ومن الدعاء من ماذنة الجامع وتجد المؤذن متسول ..
لحد هذه اللحظة نعتقد أن المال رزق من الله ، رغم ان الله لايمتلك معامل لصنع الدولار بل رزقنا الله عقلاً ويداً تعمل ..
عندما ترى حضارة الشعوب تثق باننا زائلون لا محال من خارطة العالم ، لأن العالم ماعاد يحتمل قطيع من البشر يعبث بمصير الارض ، ويولد الغازات السامة من مؤخرته بعد اكلة دسمه ..
انفقنا عقود ولم نستطع حل مشكلة النفايات ، وننفق مقابلها ملايين الدولارات لعلاج الامراض التي تسببها ..
ملايين الايدي العاملة عاطلة تحتقرها حكومة الاحزاب الأسلامية ، بأن تعطيهم معونات أجتماعية مقدار مئة دولار او اقل .. وملايين من عقول الشباب معطلة تقتل الوقت بالمخدرات والتخطيط للسرقة او الاعتداء الجنسي ، او يستغلونهم بالانخراط بمليشيات تقتل وتنهب وتعبث بمصير البلد ، او يقتلون بالدفاع عن اوهام الموروث وخرافات رجال الدين ..
ملايين الاطفال بلا مدارس ولا مستقبل ، نخرت عقولها الالعاب الالكترونية او لعب الببليارت وشرب النارجيلة او السجائر والتسول ..
الوقت عندنا قاتل ورهيب يسحق ملايين العقول يوميا بلا مقابل ..
0 تعليقات