الإزاحة ...

مشاهدات



نزار العوصجي


هو مصطلح علمي يندرج ضمن علوم الفيزياء ، حيث يعبّر مفهوم الإزاحة عن التغيّر في موقع الجسم من نقطة إلى أخرى بأتّجاه محدد .. كما يُعبّر عن الإزاحة بأنّها أقل أو أقصر مسافة بين نقطتين مختلفتين ، وتُمثّل عن طريق المقدار والاتّجاه ، وبالتالي فيمكن أن تكون سالبة أو موجبة ، كما أنّ معدّل التغيّر في الإزاحة يُعطي الجسم سرعة ، ويمكن اطلاق صفات اخرى للإزاحة ، فعندما تكون حركة الجسم دائريّة فإنّ الإزاحة تصبح إزاحة زاويّة ..


في الفيزياء يُعبّر عن حركة الجسم بشكل محدد بالازاحة ، ولأهميّة هذا الموضوع علمياً ، نجد غالباً ما تحتوي جميع الكتب الخاصة بعلم الفيزياء على مقدّمة عن حركة الجسم ووصفها ، ولوصف حركة الجسم يجب تحديد موقعه في وقتٍ محددٍ ، كما يجب تحديد موقع هذا الجسم بالنسبة لمرجع معيّن للحصول على وصف أكثر دقة ، وغالباً ما يتم تحديد الأرض كمرجع ، كما يمكن تحديد موقع الجسم بالنسبة لمرجع آخر ثابت ..


ما تقدم تعريف بسيط لمفهوم الازاحة فيزياوياً ، الا ان الايام والسنين التي عشناها اثبتت ان للازاحة تعاريف واستخدامات اخرى تفوق ما عرف عنها في علم الفيزياء بعشرات بل مئات المرات ، حتى باتت ظاهرة تنطبق على ما يدور في مخيلة الاشخاص ، لتطبق في مجالات الحياة كافة ، العملية والوظيفية والادارية والسياسية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، لابد من ازاحة منافسك في العمل لكي تأخذ مكانه في السوق ، وعليك ازاحة من تدرج وظيفياً لتسبقه الى الموقع الاعلى الذي يليه ، كما عليك ازاحة مديرك او من هو اعلى منك ادارياً أو درجةً ، مادمت ترغب في ان تصبح انت المدير أو الرأس أو القائد ، بغض النظر عن تأريخك الوظيفي مقارنةً بتأريخه ، أو عدد السنين التي قضاها في الخدمة والتدرج والعمل الميداني ( الثوري خصوصا ) ..


الاغرب من كل هذا وذاك هو الإزاحة السياسية ، وهذا ما نلمسه جيداً حين يكون الوصول الى السلطة هو الهدف المنشود ، بغض النظر عن الوسائل المتبعة ( حرام أم حلال ، نظامية أم غير نظامية ) ، فكل الطرق مفتوحة وسالكة ومشروعة حتى وإن كانت غير مشروعة ( وهي دائما غير مشروعة طبعا ) .. والأختيار يكون عادة متروك للطرف المعني الراغب بإرتكاب فعل الإزاحة في تحديد الاتجاه والزمن ومقدار الازاحة المطلوبة  لضمان تحقيق ما يصبوا اليه من سرعة الوصول الى الموقع المرموق الذي يحلم به منذ سنوات وينتظره بفارغ الصبر ليكون على رأس الهرم ..


مثال اخر على ما تقدم اعلاه في تطبيقات نظرية الازاحة ، ما جرى في الانتخابات الامريكية الاخيرة ، من لف ودوران وتقديم وتأخير ( و احتيال و رشى )  من قبل اللوبيات التي تأثرت سلبا من وجود ترامب في مركز القرار الرئاسي ، ومن وجود اغلبية جمهورية في مركز القرار التشريعي في الولايات المتحدة بما يتعارض مع مصالحها ، ومن ضمنها اللوبي الايراني طبعا ، بهدف ازاحة الحزب الجمهوري عن مراكز القرار ، وضمان وصول شخصيات بديلة متعاطفة مع مصالح هذه اللوبيات الى هذه المواقع في الرئاسة و مجلسي النواب والشيوخ ، وعلى امل تغيير الموقف الامريكي الرسمي من العديد من القضايا التي تتعارض مع مصالح هذه اللوبيات ومنها برنامج ايران النووي المريب والمثير للجدل ، الذي ان كتب له الاستمرار ، فانه سيشكل خطراً جسيماً على المنطقة والعالم ...فلذلك كانت هذه الإزاحة القوية والمؤثرة التي شهدناها على الساحة الأمريكية ..


لا اريد ان اطيل عليكم اكثر .. فرباط السالفة يندرج في المثل الشعبي القائل : تريد توصل بسرعة ، زيح الگدامك وارتاح ..

( إحچي وياچ يابنتي ، و الحچي يعنيچ ياچنتي ) ...

إرسال تعليق

0 تعليقات