عبد الجبار الجبوري
أثار تقرير الإستخبارات الامريكية ،في قضية المقتول جمال خاشقجي،الذي يلقي المسئولية على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بطريقة غير مباشرة،أثار دهشة واستنكار العديد من دول الخليج العربي،وإعتبرته تهديد موجّه لها ،وليس للمملكة العربية السعودية فقط، فسارعت البحرين لرفض التقرير، وما جاء فيه، وإعتبرته إستهدافاً للخليج كله في وقت رفضته السعودية رفضاً قاطعاً ووصفته بأنه تقرير عادي لاجديد فيه ولا قيمة له،في وقت تزامن اعلان التقرير، قيام الطائرات الامريكية، بالرد على حادثة اربيل، الذي تبنته فصائل تدعى (سرايا اولياء الدم)، وطال القصف الامريكي ،كتائب حزب الله العراقي وكتائب سيد الشهداء، بضربة مدمرة قتلت اكثر من 30 عنصراً ودمرت المعسرات السبع بسبعة صواريخ ذكية،هذه الضربة، وتقرير خاشقجي، ترسلان رسالة مهمة جدا،لكل من ايران وفصائلها، والمملكة العربية السعودية،رسالة واضحة ومباشرة، أن إستراتيجية الرئيس بايدن في الشرق الاوسط، لاتفرق بين هذا وذاك، سوى المصالح الإستراتيجية الامريكية في المنطقة وأمن اسرائيل، وعلى الجميع ، الحذر من الغضب الأمريكي،حين تعرّض جنوده أو مصالحه للخطر، وقالها أمس الرئيس بايدن علناً لإيران،( أمريكا ستدافع عن مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة ،من تهديد ميليشيات ايران في العراق ، وستدفع ايران الثمن)، هذه الاسترتيجية ،هي تحول كبير في السياسة الأمريكية في الشرق الاوسط، تجاه الخصوم ،وتجاه الحلفاء على حد السواء، في مكالمته بايدن للملك سلمان ، أكد على عمق العلاقة التاريخية بين الطرفين، وإلتزام الادارة الامريكية ،بحماية حلفائها من أي تهديد إيراني،نحن نرى ان تقرير الاستخبارات الامريكية ،هو رسالة ضغط أمريكية واضحة للسعودية ،ودول الخليج حول قبولها الإنخراط في التطبيع العربي -الصهيوني،ومحاصرة إيران ،اماّ الرسالة الأخرى فهي لإيران وأذرعها المسلحة في المنطقة، للتراجع عن تخصيب اليورانيوم،والعودة الى الاتفاق النووي بالشروط الامريكية،والجلوس على طاولة المفاوضات،ومواجهة الفصائل المسلحة في العراق ، والعمل ترويضها وتسليم أسلحتها للدولة ، والإنخراط في مؤسساتها، وإلاّ إستخدام القوة العسكرية، كما حصل في قصف يوم أمس، إذن إستخدام الدبلوماسية من قبل الرئيس بايدن مع السعودية وايران، هي إستراتجية جديدة، فهل تنجح هذه السياسة مع الميليشيات الولائية، التي تأتمر بأوامر ولي الفقيه الايراني،من هنا تبدأ، عملية العصا والجزرة لبايدن، فالجزرة كانت مع قصف الفصائل في سوريا لا في العراق، والعصا مع حكومة الكاظمي، وإرسال وزير خارجيته الى طهران، لإبلاغ القيادة الايرانية بقرار الرئيس بايدن الجديد،مع الفصائل والميليشيات والحشد الشعبي، إما المواجهة العسكرية ،وإما الخضوع لسلطة الكاظمي ،وتنفيذ قراراته ،التي سلمتّها له ادارة بايدن،فهل ستستجيب طهران لرسالة بايدن،أم تصعّد الاوضاع ،الى الإيعاز لفصائها في العراق، بالرّد على قصف إدارة بايدن لها، نعتقد من خلال التجربة، أن المواجهة هي الحلّ الأقرب لإيران، لإستخدامه ورقة ضغط أمام بايدن وضغوطه لتخفيف الحصار عليها،وكسب مزيد من الوقت لإنجاز برنامجها النووي ، بعد توقف وطرد منظمة الطاقة الذرية الدولة من إيران، فكل ما تفعله إيران،هو لتسويف وتضليّل الرأي العالمي، عن برنامجها النووي، فهي تماطل في المفاوضات حول الإتفاق مع أمريكا والاتحاد الاوروبي، وتماطل في دعم أذرعها بالسلاح والصواريخ، وتزودهّم بها للقتال بالنيابة عنها في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وصرف الأنظار عنها، والتركيز على مواجهة أذرعها، وهذا الدهاء الفارسي بعينه، إذن استراتيجية الرئيس بايدن الدبلوماسية،معرضة للتضليل والتسويف والخداع من ايران، ولكن الادارة الامريكية، خبرت سياسة الملالي ودهاءهم في معالجة القضايا المصيرية، ولها معهم مفاوضات شاقة دامت 12 سنة لتوقيع اتفاق نووي فاشل،حتى انجزت ثلاثة ارباع برنامجها النووي ، وتفاوض الان وتعمل لإطالة المفاوضات لإنجاز البرنامج بشكله النهائي، تحت كذبة مفاوضات الإتفاق النووي،مستخدمة الفصائل المسلحة والميليشيات،لعرقلة المفاوضات واشغالها عن اصل المشكلة، وهذا لأمر أصبح مكشوفا ومفضوحاً للرأي العام،أن إيران تستخدم أذرعها ،لعرقلة التفاوض لإنجاز برنامجها، وحتى طردها لمنظمة الطاقة الذرية ،هي خطوة في الخداع والتضليل ،وكسب الوقت لا اكثر،نعم إستراتيجية بايدن، وذكاء بايدن، التي عولّت عليه وهللّت لفوزه، لن يسمح لها بالتغوّل والتنمّر بأذرعها في العراق والمنطقة، فقرر أن يضع حداً لأفعالها ،وخطرها المحدق بمصالح أمريكا، وآخرها قصف السفارة المرعب، وقصف مطار أربيل الواسع،هذا ما قطع شعرة معاوية مع ايران ،وفصائلها في العراق، وتحوّل من العمل الدبلوماسي ،إلى العمل العسكري، فكان الرّد مزلزلاً في يوم امس على الحدود، ونعتقد أن الحرب بين الرئيس بايدن ،الذي امر شخصيا بالردّ العسكري على الفصائل، قد بدأت وستنتقل الى داخل العراق،إذا تجرأت الفصائل المهددّة الى أي حماقة ،بقصف مصالح أمريكا وقواعدها وجنودها في العراق، فإرسال وزير الخارجية فؤاد حسين الى طهران ،رسالة تحذير شديدة اللهجة، بتوقّف القصف، وتهديد المصالح الامريكية، وإلاّ سيكون الردّ أقسى من ذي قبل، وداخل العراق، فهل تدرك الفصائل رسالة بايدن لها،أم تركب رأسها وتنفّذ أوامر الولي الفقيه ،وتذهب الى حتفها،ومن خلال متابعتنا وفهمنا لسايكلوجية الفصائل أنها لا ترفض للولي الفقيه أمر،بمعنى ستختار المواجهة العسكرية مع أمريكا في العراق، فمن سينتصر، ستنتصر أمريكا حتماً، ولكن الخاسر الوحيد ،هو الشعب العراقي،لأن المعركة غير متكافئة وستدور على أرضه، وحينما تأزف ساعة الهزيمة،ستهرب الفصائل الى ايران ، وتترك الشعب العراقي يئن من جروحه ويدفن شهداءه،والشعب العراقي كما هو معروف، يرفض تصفيّة الحسابات بين أمريكا وأيران على ارضه،ويرفض القتال بالانابة، ومواجهة امريكا لصالح لايران، مَن يريد ان يقاتل امريكا لصالح ايران فليذهب الى ايران ويقاتل هناك، أما ان يجعل ارض العراق ساحة حرب فهذا مايرفضه شعب العراق، والتظاهرات الغاضبة في محافظاته هي رسالة واضحة لرفض المحافظات الجنوبية والوسطى اي تدخل في العراق، سواء كان ايرانيا او امريكا،فهل تدرك الفصائل الولائية حجم الكارثة التي ستحلّ بالعراق، إذا واجهت أمريكا ،نعتقد أن بايدن ليس أوباما في تعامله مع الاحداث وإيران، فأوباما سلّم العراق لإيران، وخرج مهزوماً بجيشه، وجرى ماجرى من كوارث ،وفشل ودمار،وظهور دواعش سنية وشيعية ،الرئيس بايدن انتهج استراتيجية تعاكس سياسة اوباما،وهي استراتيجية العصا والجزرة، اعني الدبلوماسية وعصا الحرب، وهذا ما لم ينتهجا احد من الرؤساء الامريكان قبله،إستراتيجية بايدن تعني لاوجود للسلاح المنفلّت في العراق، لاتوجد سطوة وهيمنة وتدخلات إيرانية في العراق، لاتوجد أحزاب ولاؤها لإيران في العراق،إستراتيجية تعيد العراق الى حاضنته العربية، وإجراء إتخابات تشرف عليها أمريكا،والامم المتحدة ومجلس الأمن، إستراتيجية يسميّها المحللون الإستراتيجيون ،(تصحيّح المسار)،فهل ينجح الرئيس بايدن في تطبيق إستراتيجية، تعيد لأمريكا هيبتها التي ديست في الوحل في العراق، على يد ايران واذرعها،هذا ما ستكشفه الايام القادمة،في ضوء تهديّد الرئيس بايدن لإيران، حينما قال(أن ايران لن تفلت من العقاب)، فماذا يعني تهديد بايدن هذا ، إنه يسلك طريق الدبلوماسية اولاً ومن ثم يقرر،هذه هي إستراتيجية الرئيس بايدن في الشرق الاوسط...
0 تعليقات