عمر سعد سلمان
ان السنوات القادمة من هذا القرن ومن القرن القادم سترث أكبر وأصعب مشكلة تمر بها البشرية. تلك هي مشكلة البطالة ولا اعتقد ان الإنسانية، أبيضها وأسودها، ستتمكن من إيجاد حل او علاج لها فهي كمرض السرطان، يبدأ ويستشري. ومن هنا يمكن من الآن إعطاء اسم للقرن الحالي (قرن البطالة والتعطل).
فالشخص الذي يوصف بأنه عاطل عن العمل ينطبق عليه ما يلي (ان يكون في سن العمل وقادراً عليه، ان يكون راغباً في العمل ولكنه لا يجده). وتختلف الدول بالنسبة للحد الأدنى للسن القانوني للعمل كما أن الحد يختلف من قطاع لآخر سواء كان زراعي او صناعي او وخدمي او وظيفة حكومية، وفي كثير من الدول يعتبر السن 16 عاماً وهو الحد الفاصل بين سن الطفولة وإمكانية دخول سوق العمل في قطاعات معينة. وتتدخل الظروف الاقتصادية والاجتماعية في العديد من الدول، وبالذات الفقيرة منها وما يسمى بالدول النامية، وتدفع الى التغاضي عن هذا الحد، حيث تجد أطفالاً في العاشرة يعملون لساعات طويلة وفي ظروف شاقة وبأجور رمزية مخالفة لما يحدده النظام السائد (قانون العمل) كحد أدنى لسن العمل في ذلك البلد.
ان أسباب عدم توفر فرص العمل ناتجة من عدم وجود استثمارات جديدة من جانب المجتمع، وإذا لم يكن الاقتصاد قادراً على هذا الاستثمار جزئياً او كلياً فان مشكلة البطالة تأخذ في الظهور كما أن حدتها تتفاقم كلما استمر عجز الاقتصاد عن الاستثمار. وتختلف القطاعات الاقتصادية في المجتمع بالنسبة لمتوسط مقدار الاستثمار اللازم الذي يجب القيام به لإيجاد فرصة العمل في ذلك القطاع. فإيجاد فرص عمل جديدة في قطاع الصناعة مثلاً يتطلب حجماً استثمارياً أكبر من إيجاد فرص عمل في قطاع تجارة التجزئة مثلاً. كما أن حجم الاستثمار اللازم لإيجاد فرص العمل يختلف من مجتمع لآخر ومن وقت لآخر. ويوصف قطاع الخدمات بأنه أقل القطاعات من حيث رأس المال الى العمل.
ان مسؤولية تخفيض البطالة تقع على عاتق إدارة البلاد، وكما هو معروف كانت من أهم أسباب فشل الحزب الديمقراطي في الانتخابات الامريكية الأخيرة هو الوضع الاقتصادي السيء في الولايات المتحدة والذي تعبر عنه نسبة البطالة المرتفعة وتمثله أفضل تمثيل.
على ان أهم سبب لتفشي البطالة في عصرنا، وتوقع استمرارها وتزايد نسبتها في السنوات القادمة هو محدودية قدرة هذه الأرض على استيعاب الأعداد المتزايدة من البشر والذي يتوقع له أن يتضاعف خلال الأربعين سنة القادمة. ولهذه المحدودية ثلاث جوانب على الأقل: محدودية الموارد الطبيعية – محدودية البيئة – محدودية القدرة على الاستثمار. هذا في الوقت الذي يستمر فيه البشر في التكاثر بمعدلات تزيد عن 2% في السنة الواحدة. ومن هنا أصبح لا بد من الحديث عن الكارثة المتوقع حدوثها في القرن الواحد والعشرين وأصبح لا بد من تسمية ذلك القرن بـ (قرن البطالة).
0 تعليقات