عبد الجبار الجبوري
تفجيرات بغداد الوحشية،أياً كان منفذّها، تؤكد أن هناك خرقاً أمنياً واضحاً، وفشلاً حكومياً أكيداً،ولهذا قام السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء ،بتغييرات واسعة ،في الاجهزة الامنية والعسكرية ،والقادة في وزارتي الدفاع والداخلية،وهذه خطوة إيجابية تسجل له،ولكن لماذا حدث هذا الخرق الأمني الفاضح، وذهب ضحيته مئات الشهداء والجرحى،في قلب العاصمة بغداد وفي وضح النهار، وأين كانت كاميرات المراقبة،أين عيون الاجهزة الامنية، في مكان يكتظ بالمواطنين الفقراء ،والباعة المتجولّين،ومن أين جاءت الأحزمة الناسفة،ولم تكتشفها الاجهزة الإستخبارية والأمنية داخل بغداد،ومَن سهّل للإنتحاريين التجوّل في ساحة الطيران، دون أن يراهم أحد،هذه الأسئلة وغيرها، هي حديث وإنتقاد الشارع العراقي المرّ،والذي يسأل أيضاً ويطالب، لماذا لاتنفذ الأجهزة القضائية، أحكام الاعدام بمجرمي تنظيم داعش في سجونها،بعدد الشهداء والجرحى ، في مجزرة ساحة الطيران، ألم يقل الله سبحانه وتعالى (العيّن بالعيّن والسِّن بالسِّن)،أليسَ هذا حكم الله في الأرض،ثم نأتي الى جوهر الفوضى،وسبب الخرق الامني، وهو تسلّط أجهزة أمنية غير كفوءة،ولاتملك أية خبرة وكفاءة ،في المجال الأمني، فرضتهم الأحزاب والكتل السياسية الفاشة، على مفاصل الأجهزة الامنية الحساسة في السلطة،في حين تحاول الجيوش الالكترونية الذبابية والطائفية،التي تديرها نفس الأحزاب،أن تلقي الجريمة كلها في سلة (مكون معين)، و(دولة معينة)، وكأن الأمر (ثأرات كليب)، وهي تعبير عن الفشل الذي تعيشه هذه الأحزاب ،منذ أول أيام الإحتلال وليومنا هذا، أليس ماحصل في العراق، من دمار وخراب ودماء وتهجير وقتول، تتحملّه الطبقة السياسية وأحزابها ، لانريد أن ننكأ الجراح، ولكن الأخطاء القاتلة التي مازالت تمارسها الأحزاب المتنفذة، هي سبب تفجيرات ساحة الطيران وقبلها وربما بعدها، طالما ركبتْ هذه الأحزاب رأسها، ودفنته في رمل طائفيتها ،وأغمضت عيونها عن الفشل، وإعتمدت على الخارج في ترقيع الحلول،ولكن دون جدوى، ألأمرأكبرمن هذا بكثير، والمؤامرة على العراقيين مازالت (شغاّلة)، وبشكل أعنف وأقسى وأدهى، ومانراه من فشل حكومي،وفشل برلماني، وفشل سياسي، وفشل حكومي ، وخروقات أمنية هنا وهناك، هوأحد أهم نتائج فشل الطبقة السياسية الحاكمة، وإعتمادها على التدخل الخارجي،كقوة رادعة للداخل المتظاهر، والثورة الغاضبة لجماهير الشعب، لايختلف إثنان أن الفشل والفساد والمحاصصة الطائفية، هي( أُسّ) خراب ودمار العراق،وهذا يتحمله الجميع مَن في العملية السياسية ،منذ أكثر من 18سنة ، إذن التفجيرات الإجرامية التي أسميّها (مجزرة الطيران)، لايتحمّل مسئوليتها الكاظمي وحده،بل جميع الأحزاب والكتل المتنفذّة، التي تقود عناصرها الأجهزة الامنية والإستخبارية وتتحكّم بها،فلا يمكن أن يستتّبَّ الأمن والاستقرار، في ظلِّ تحكّم الجهلة والفاشلين والطائفيين الانتقاميين ،في السلطة والاجهزة الأمنية والعسكرية،وسيبقى نهر الدم العراقي الطهور، يسيل في شوارع العراق،مايجري ومانراه من فشل وفساد، يؤسس لدمار ودماء قد تطول، ولكن ثورة الشعب بوجه الفساد والفشل قادمة لامحالة، لإيقاف إراقة الدم، وإزاحة الطغمة الفاسدة الفاشلة، عن مراكز القرار،والإنفتاح على مستقبل ،لاتحكمه شلة جاهلة بعواطفها، فالانتخابات والصراع عليها ،جزء من حملة التغييّر المنشود، والتخلّص من ربقة الظلم والاضطهاد الاجتماعي، والقبول بالآخر،والحوار معه،لا التعالي عليه ومحاولة إذلاله،نحن أمام مرحلة دموية صعبة التخلص منها ،دون تقديم تنازلات والوصول الى تفاهمات مجتمعية وسياسية، وإنقاذ العراق، بإنتخابات نزيهة وشفافة وعادلة، لاتزوير فيها ،ولا سلاح ترهيب،حتى يستلم البلد أناس يخافون الله ، ويعدلوا،وينقذوا البلد من شراذم الطائفية البيضاء والسوداء،نعم الانتخابات القادمة(قد) تكون مفتاحا لحل أزمة العراق السياسية،ولو بشكل جزئي وهو ايقاف نزيف الدم العراقي، وحصر السلاح بيد الدولة،
اشراف دولي
وهذا لايتحقق إلاّ بإشراف مجلس الامن الدولي، والامم المتحدة والجامعة العربية،والدول الاوربية، لإخراج العراق من ساحة الدم، الى ساحة الحرية والأمان،نحن أمام استحقاقات مرحلية، في ظل فوضى سياسية عراقية وإنفلات السلاح العشائري ،والميليشياوي الخارج عن القانون،وفوضى دولية عارمة، وتطبيع إسرائيلي –عربي مفروض بالقوة والترغيب على العرب،وتغوّل إيراني واضح، في أكثر من دولة عربية ،لتحقيق مشروعها الكوني الديني، مقابل مشروع الشرق الاوسط الكبير الامريكي، فالمنطقة كلها، تعيش لحظات حرب عالمية ثالثة مدمّرة، وتحولات جيوسياسية أكيدة ،يقودها التحالف الدولي ،بقيادة أمريكا وبريطانيا واسرائيل وفرنسا والمانيا، إذن هناك حرب عالمية مرتقبة،وتغييّر جغرافي سياسي مرتقب ،وتهديدات إسرائيلية يومية ،وقصف جوي مبرمج ومنظم في سوريا والعراق،وكل هذه التحولات تنذر بفوضى خلاقة أخرى في الشرق الاوسط،،عاجلاً أم آجلاً،ولهذا نرى ام هذه الفوضى، تغوّل وعودة الإرهاب بأبشع صوره ،في عموم العراق، فهو يبطش بأبناء العراق في صلاح الين وديالى ونينوى وكركوك وبغداد أمس، هذا يعني أن داعش الارهابي تتحّكم به جهات دولية، وليست جهة واحدة، ولهذا نراه يضرب في الشمال والجنوب والوسط،،بقوّة ودون رادع ، وحسب طلب سيده،ومجزرة ساحة الطيران خير مثال على ذلك،إذن الإجراءات التي إتخذها الكاظمي، بتغيير القيادات الامنية والاجهزة الاستخبارية ، يعدّ إعترافاً بالفشل، وإجراءٌ سريع يطوّق الازمة، ويرسل رسالة إطمئنان للجميع، وتصحيّح مستعجل ومطلوب، لوقف حالة التراخي والفشل في الأداء الامني، الذي فشل في إدارة الملف في العاصمة، فكيف في المحافظات، وهذا يتطلب من الكاظمي إجراء التغيير في جميع المحافظات، وليس في بغداد فقط، فالأمن لايتجزأ في العراق، وضبط الأمن وإشاعة روح الإستقرار، يتطلب اختيارعناصر كفوءة ذات الخبرة العالية ، والتجرّد من الميول السياسية والطائفية ، والعمل على إشاعة روح العمل الوطني الواحد، بالتعاون مع المواطنين، وعدم تجاهل دورهم الاساسي، في رصد الجريمة قبل وقوعها،تفجيرات ساحة الطيران جريمة أخرى تضاف الى جرائم داعش، ولكن يجب أن تكون الاخيرة،بعد أن هُزم وإنتهى الى ألابد في المحافظات الغربية، التي نكّل بأهلها وقتل أبنائها وشردّهم ،وهذا لن يأتي بشخطة قلم ،وتغيير قادة امنيين فقط، وإنما يأتي بتظافر وتعاون كل الجهود، من أجل خنق عناصره المختبئة في جحورها ،في المدن والاقضية وحتى العاصمة بغداد،ومحاصرتها والقضاء عليها، فالإرهاب متعددة الأشكال والأوجه والغايات،ولكن بشاعته وبطشه واحد، في كل الاماكن، والفساد أحد هذه الاوجه البشعة،والفشل أحد هذه الأوجه البشعة، والسلاح خارج الدولة أحد هذه الأوجه البشعة،وغياب القانون وتغوّل بعض العشائر،وسلاحها المنفّلت المحّمي من الاحزاب ،وهكذا يطوّق السلطة الفشل ويخنقها الفساد، ويتغوّل فيها الإرهاب والبطش، إن مجزرة ساحة الطيران مستنكرة ومدانة،ولكن بعد فوات الآوان، وحصول المجزرة،رسالة الى الجميع،أن الإرهاب مازال بيننا، يتغذى من مشاكلنا وفشلنا ونزاعاتنا ، وينفذ أجندته من ثقوب العملية السياسية، ولايمكن القضاء عليه ،إلاّ بسدِّ هذه الثقوب، وهذا يأتي بإجراء إنتخابات نزيهة ،تزيح وتقصي هذه الطبقة الفاسدة ،والاحزاب الفاسدة والشخصيات الفاسدة ، عندها فقط ،نستطيع أن نخرج العراق من عنق الزجاجة، أما في هذا الانسداد السياسي الحالي والصراع على المناصب، والاحزاب الطائفية الفاشلة ،القابضة على السلطة ،بقبضة من حديد ،فليل الدم العراقي سيطول جدا، ولانرتجي منهم سوى الخراب والدمار،وتفجيرات بغداد مثال على ذلك الفشل، وذلك الإصرار على إدامة الفشل،نعم تفجيرات بغداد سببها الخروقات الأمنية، والفشل الحكومي، ولكن السبب الرئيسي بإمتيازهو الفشل والفساد السياسي.
0 تعليقات