الفريق الركن الدكتور صباح العجيلي" نعتقد ان دخول العراق الى الكويت كان خطأً استراتيجياً

مشاهدات





حاوره خالد النعيمي


بمناسبة الذكرى المئويه لتاسيس الجيش العراقي الباسل حارس البوابه الشرقيه والمدافع الأمين عن الامه العربيه والذي شارك في كل المعارك والحروب دفاعا عن فلسطين والدول العربيه ولاتزال مقابر شهدائه في فلسطين  وسوريا والاردن شاهدا على عمق انتمائه وتضحياته من اجل حقوق الامه وكرامتها واحتفاء وتقديرا منا  لهذه الذكرى يسرنا  ان نجري حوارا معمقا مع احد قادة هذا الجيش ومن رموزه المعروفين وهو الفريق الركن الدكتور صباح العجيلي


 

ونحن نحتفل باليوبيل الذهبي لتأسيس الجيش العراقي بعد مرور مائة عام على تأسيس اول نواة   عسكرية عراقية اطلق عليها اسم فوج موسى الكاظم في 6 ك2 عام 1921 ، فكيف كانت البدايات وماهي الفكرة او العقيدة التي بنيت عليها هذه المؤسسة الوطنية لاحقا؟


الجندية والفروسية في العراق موغلة في القدم وشهد وادي الرافدين عبر تاريخه ولادة جيوش قوية ، كالجيش الاكدي والاشوري و الاسلامي وكان لهذه الجيوش هيبة وصولات وملاحم يحسب لها الاعداء والطامعين الحسابات.

بعد تداعي الدولة العثمانية امام الالة الحربية البريطانية التي دخلت بوابة الخليج العربي من البصرة جنوب العراق عام 1914 مستهدفة العاصمة بغداد  التي وصلتها عام 1920 بعد سلسلة من المعارك على طول المحور من البصرة والى بغداد. أدعت القوات البريطاني بانهم جاءوا محررين وليس فاتحين ولكن الواقع هو وضع البلاد تحت الانتداب البريطاني.

انسحب الاتراك وتركت بغداد تحت الاحتلال البريطاني بلا جنود محليين وسط محيط معادي للاحتلال الاجنبي ، توج بثورة العشرين 1920 ، بعدما أدركت القبائل العراقية بان الوجود البريطاني استعمار بديلا عن العثماني . لذلك ادرك العراقيون بان الضرورة الوطنية تقتضي الشروع بتأسيس جيش عراقي كأحد مقومات الدولة الفتية وتامين قوة وطنية تدافع عن العراق وشعبه.

وفي 6 كانون الثاني 1921 اعلن عن تشكيل اول فوج بتسمية (فوج موسى الكاظم )وقبل الاعلان عن تشكيل اول حكومة عراقية برئاسة عبد الرحمن النقيب وفي عهد الملك فيصل الاول مؤسس المملكة العراقية. اي كان الشروع بتأسيس الجيش قبل تشكيل الحكومة وأنتخب الفريق الركن جعفر العسكري كأول وزير دفاع عراقي في العصر الحديث.

فتحت ابواب التطوع في هذا الفوج الذي ضم الضباط الذين درسوا في المدرسة الحربية في اسطنبول وسبق وان خدموا بالوحدات والتشكيلات التركية ، وتطوع ابناء المحافظات في الفوج الجديد بصرف النظر عن القومية والدين والمذهبية ، يجمعهم الانتماء الوطني والحرص على بناء جيش عراقي يدافع عن الوطن وبانتهاء عام 1921 اصبح موجود الجيش 111 ضابطا و2505 من ضباط الصف والجنود في حين كان الانتداب البريطاني يرفض التوسع ويريد من هذا التشكيل قوة محلية وحرس وطني يتولى الحراسات والحماية كما هو الحال بعد الاحتلال الامريكي البريطاني الذي حل الجيش وسرح عناصره وفكك اسلحته وبعد الضغط عليه اعلن عن تشكيل حرس وطني.

أذن فكرة التأسيس كانت تأمين أحد عناصر ومقومات الدولة الحديثة الاساسية وبناء جيش وطني يتولى حماية العراق ويفرض الامن والاستقرار بعد الفراغ الذي تولد بعد الانسحاب التركي  ولتهيئة قوة عراقية  بديلة عن قوات الانتداب البريطانية التي تحتل البلاد و طلب بانسحابها بوقت لاحق  . 

 

الاسباب والعوامل التي ادت الى قيام قيادات الجيش بالتدخل في الشان السياسي للبلاد في مراحل متعددة من عمر الدولة العراقية وهل كان ذلك في صالح الجيش العراقي ام كانت له نتائج سلبية في بعض الاحيان حسب رأيكم ؟


الجيش منذ تأسيسه ضم قيادات وضباط  ذو توجهات وطنية وقومية طموحهم ان تكون الانظمة السياسية وطنية وان يتحرر العراق من التبعية الاجنبية ، فقد تدخل الجيش بالشان السياسي لمرات عدة فقد تدخل عام 1936 بقيادة الفريق بكر صدقي لتغيير الحكومة وتدخل عام 1941 في ثورة مايس بزعامة رشيد الكيلاني ضد الانتداب البريطاني وتدخل في 14 تموز 1958 لازالة النظام الملكي وانهاء الانتداب البريطاني وحلف بغداد والتحول الى النظام الجمهوري وتدخل كذلك عام 1963 واخيراً في 17 تموز  1968في اعقاب نكسة حزيران عام 1967

عادة ماتوصف حركات العسكريين بالانقلاب العسكري وتدخل بالشان السياسي لكن في موضوع العراق كان تدخله لمعالجة قضايا مستعصية ولتبديل الانظمة التي لا تواكب الظروف السياسية التي عايشها الوطن والامة . وعلى سبيل المثال لا الحصر جاء التدخل في 17 تموز 1968  بعد نكسة حزيران وما يتطلبه من انظمة ثورية قومية تلبي متطلبات  المرحلة للرد على العدوان .

بالتاكيد لو كانت الانظمة عادلة وديمقراطية تحقق الطموحات الوطنية والقومية ما كان للجيش ان يتدخل بالشأن السياسي ، ومن وجهة نظرنا ان الجيوش ينبغي ان تكون مستقلة ولائها للوطن على ان تبقى بعيدا عن السياسة وعن الطوائف ، مهمتها الدفاع عن الوطن والامة ضد الاعداء المحتملين وعدم الانحياز الى التجاذبات السياسية. وان تدخل الجيش العراقي بالشأن السياسي يخالف السياقات والتقاليد العسكرية وبالنهاية يتحول عناصره الى جزء من الصراعات السياسية ما يفقده الحيادية والاستقلالية.


 


الدور القومي الذي قام الجيش العراقي في الوقوف مع اشقائه العرب وخاصة بالدفاع عن القضية الفلسطينية  والحروب العربيه الصهيونية؟


منذ التأسيس  ضم  الجيش قيادات وضباط وضباط صف توجههم وطنياً وقومياً ، واعتبر قضايا الامة الاساسية بخاصة القضية الفلسطينية من قضاياه المصيرية وكانت فلسطين تعيش في ضمائر مقاتليه لذلك تكالب الاعداء عليه وعملوا مع الشعوبيين على حله وتفكيك سلاحه لصالح اسرائيل وايران  التي تسعى لفرض سيطرتها على الوطن العربي تحت غطاء تصدير الثورة.

شارك الجيش في الصراع العربي – الاسرائيلي ، في حرب 1948 كان للقوات العراقية دور في التصدي للعصابات الصهيونية وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق في جنين وكفر قاسم والخليل ونابلس وطول كرم وقلقيلية ،ومازالت شواهد اضرحة الشهداء شاخصة على ارض فلسطين يزورها ابناء المدن الفلسطينية في ذكرى تأسيس الجيش السنوية.

وشارك في حرب 1967 وكذلك في حرب تشرين 73  والتي دفع فيها العراق قواته البريه وتنقلت دباباته على السرفه واسراب طائراته  الى الجبهة السورية لانقاذ دمشق من الاستهداف الصهيوني.

نعم ان شواهد اضرحة شهداء الجيش في فلسطين وسوريا والاردن مازالت شاخصة  وتروي للاجيال  قصة رجال قدموا أغلى ما يملكون دمائهم الزكية من اجل رفعة الامة ونصرة لقضية فلسطين العربية.

 

الحرب العراقية الايرانية والتي دامت لمدة ثمان سنوات والتي وصفها العسكريون بانها من اطول الحروب في التاريخ الحيث ، كيف ترى معطيات ونتائج هذه الحرب وهل ثمن الانتصار الذ تحقق في 8/8/1988  هو تكالب قوى دولية واقليمية لواد القوة العسكرية العراقية؟


أستولى النظام الديني على الحكم في ايران بعد سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979 ، وافتتح ولايته بالمناداة باستراتيجية جديدة لم تألفها المنطقة وهي نظرية (تصدير الثورة) الى دول الجوار والتي في حقيقتها وجوهرها سياسية توسعية لاحتلال الدول العربية والاسلامية باسم الدين. واستهدف النظام في طهران العراق في البداية كونه حارس البوابة الشرقية واعتقاداً منه انه باحتلال العراق سوف تسقط بقية الدول كقطع الدومينو. وبدأت القوات الايرانية وقوات الحرس الثوري بالتحرش والاعتداء على الحدود وغلق شط العرب بالنار . وامام هذه التهديدات أتخذت القيادة العراقية قرارا شجاعا وجريئا بالتصدي وتدمير القوات الايرانية وابعادها عن الحدود العراقية لحماية المدن والقرى الحدودية.

لقد كانت الحرب طويلة واستمرت ثمان سنين وشهدف اعنف المعارك وفي مسارح عمليات مختلفة وعلى طول الحدود البالغة 1258 كيلومتر وقدم الجيش تضحيات كبيرة من اجل اسقاط الاطماع الايرانية واكتسب رجاله الخبرات القتالية في مختلف صفحات الحرب، 

توسعت تشكيلا ت الجيش واصبح يمتلك 50 فرقة عسكرية و8 قيادات فيالق وقوة جوية ودفاع جوي متفوق وسلاح صواريخ ضارب. 

وبعد خروج العراق منتصرا بالحرب اصبح الجيش السادس عالميا وبمقدمة جيوش دول الاقليم لذلك سعت القوى الامبريالية والصهيونية  للإيقاع بالعراق ونصب الكمائن له وحياكة المؤامرات لتدمير قدرات الوطن وجيشه وهذا ما تحقق في استدراج العراق بالدخول الى الكويت .

 

 

حرب الكويت وماترتب عليها من نتائج كارثية؟


سبق وان قلنا ان العراق بعد خروجه منتصرا من حربه الطويلة والشرسة والعنيفة مع ايران واجهاض نوايا نظام طهران، سعت الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل لخلق المواقف وتهيئة الظروف لتدمير قدرات البلاد وجيشها الكبير. لذلك تصاعدت الازمة مع دولة الكويت واستدرجت القيادة ودخلت القوات العراقية في فخ الكويت لتتحشد القوى المضادة بجيوش وقوات جوية متفوقة بالتزامن مع فرض حصار ظالم واستصدار قرارات عديدة تستهدف كلها استنزاف القدرات العراقية وتدميرها ، وحققت تلك القوى بالفعل اهدافها وعاش العراق موقفا صعبا في المجالات كافة حتى وقوع الغزو الامريكي عام 2003 والذي افضى الى احتلال عسكري دمر الدولة العراقية ومؤسساتها ومزق لحمة المجتمع ونشر امراض الطائفية والعنصرية وفتح الحدود امام اعداء الوطن.

 نعتقد ان دخول العراق الى الكويت كان خطأً استراتيجياً وانه جاء منسجماً مع اجندة القوى المعادية الاقليمية والدولية لتدمير القدرات واحداث شرخاً مازال تعاني منه الامة حتى الوقت الراهن. وللخلاص من الوضع القائم في العراق بالوقت الراهن فأنه يتطلب ثورة شعبية للتغيير وبناء دولة مدنية حديثة وجيشا ً وطنيا لا يتبع الاحزاب والطوائف وحصر السلاح بيد الدولة وحضر المليشيات والقضاء على ظاهرة السلاح المنفلت المنتشر بالمحافظات العراقية  .


 


نبذة عن سيرة الفريق الركن صباح نوري العجيلي:


- ولد في بغداد واكمل دراسته الثانوية فيها

- دخل الكلية العسكرية عام 1967 بدورتها 47 وحصل على بكالوريوس علوم عسكرية

- حصل على ماجستير بالعلوم العسكرية من كلية الاركان العراقية عام 1979

- تخرج من كلية الحرب - جامعة البكر للدراسات العليا 1986

 _ تخرج من كلية الدفاع الوطني 1990

- تدرج بمناصب الامرة والقيادة وعمل بمنصب امر فوج وامر لواء وقائد فرقة وقائد فيلق

- شغل  منصب معاون رئيس اركان الجيش للعمليات 1995

- شغل منصب محافظ التأميم عام 2000

- عين بمنصب  نائب قائد المنطقة الجنوبية للشؤون العسكرية عام 2003

- شارك في القادسية الثانية وام المعارك والتصدي للغزو الامريكي - البريطاني

- كرم من قبل القيادة بوسام ام المعارك وعدة انواط الشجاعة لمواقفه في المعارك

- له بحوث وكتب عسكرية واستراتيجية منشورة

 

 


إرسال تعليق

0 تعليقات