يوم الوداع

مشاهدات



الإعلامية ندى الكيلاني


كانت ليلة صماء 

و كان الندى يضيء الأزهار 

و كأنه نجوم تنير عتمة السماء 

كنا نمشي صامتين 

و كان كل شيء صامت معنا 

خطواتنا تنوح بأنين خافت 

و كأنها لا تريد أن نسمعها 

كانت يدانا ترتجف 

و كلما حاولتا الاقتراب 

انتفضتا كما ينتفض الجريح 

إذا ما لامسنا جرحه 

كنا نمشي وسط سقيع الصمت 

و كأن الكلام انتهى 

و الكلمات ضاعت 

و الحروف عجزت عن النطق السليم 

كنت دائم الحديث 

لكن تلك الليلة 

سكن روحك صمت عجيب 

نظرت إلي ببرود قاتل 

و كأنك تودع أحدا ينازع 

خيل إلي أن عيناي ذابت في حدود عينيك 

و هذا الليل الوحشي و الظلمة الرهيبة 

بدأت تتسلل إلى روحي و روحك شيئا فشيء 

كانت هذه الشوارع مزدحمة دوما 

و كنا نهرب إلى الزقاق المظلم 

كي لا يرانا أحد كي لا يشهد على حبنا أحد 

لكن هذه الليلة عم الفراغ المخيف 

سبقتني دموعي قبل حروفي 

و بدأت تخنقني ماذا بوسعي أن أقول 

هل علينا أن نفترق ؟؟؟

أحاول أن أخترع كلاما جديدا 

أغوص في ذاكرتي جاهدة 

أنا من أمتلك الأبجدية 

أنا من سطرت بكتاباتي 

صفحات الجريدة 

لم يعد للكلمات مكان 

لم يعد هناك شيء سوى الفراق 

سأعود وحيدة 

لن يكون هناك اشتياق 

و لن يكون لقاء 

تقول فجأة أمام بؤسي و حيرتي 

اكتبي حكايتنا 

أكتب كيف أكتب ؟؟؟ 

و قد سرقت كل الحكايات 

كيف أكتب و نبض يدي 

بقي في نبضك و باتت مشلولة 

لا تستطيع الحراك 

تريدني أن أكتب عجزي و ضعفي و جرحي العميق 

لا يا صديقي أحتاج لأكتب 

أن أعود أمية و أن أتعلم 

كيف يكون الدم مكان الحبر 

و الجرح مكان القلم 

و الخيبة مكان الورق 

أحتاج أن أبتكر لغة جديدة 

اليوم أدركت أني كاتبة فاشلة 

كما أصبحت بفضلك عاشقة فاشلة 

فاللغة تقف عاجزة 

عن استيعاب هذه الحقيقة 

حقيقة أننا انتهينا و انتهى حبنا 

حكمت عليه بالموت و قررت جلد الضحية 

دعنا هكذا نودع بعضنا 

في فضاء الصمت المفجع 

دع أرواحنا تنفصل عن أجسادنا 

دع الجسد فارغا من أي روح 

و دع الحكاية خالية من الحروف 

دع الكلام جانبا 

و الحب جانبا 

و قلبي جانبا 

و اذهب 

فيوم الوداع 

لا يستطيع ملئ صفحاته 

سوى الدموع 


إرسال تعليق

0 تعليقات