المرأة والعمل التطوعي

مشاهدات



زمرد المحمود


ليست المرأة وحدها مخلوق فطري بطبيعته يميل للعيش بمجتمعات غير منطوية على نفس، للوصول لمجتمع صحي بمختلف أبعاده متوازن مزدهر، نحن بحاجة لنشر قيم التعاون، العمل المشترك، الأخلاق الحميدة، والعطاء لهذا؛ يعد العمل التطوعي من القيم الحميدة الإجابية ومن أهم السلكويات السليمة لتنمية المجتمع، كما يساهم مدى بعد العمل التطوعي في مجتمع معين على عكس صورة هذا المجتمع عالمياً ومدى تحضره. كما نجد أمثلة كثيرة في ديننا الحنيف حثنا الله ورسوله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم على عمل الخير التطوعي مثل قوله تعالى (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )سورة آل عمران114

وقول رسوله الكريم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.)


العمل التطوعي سماته ومميزاته

العمل التطوعي هو مد يد العون والمساعدة والجهد بمختلف الطرق للعمل على تحقيق مستوى أفضل في مجتمعٍ ما ككل، كما يشترط بالعمل التطوعي أن يقوم به الإنسان طوعياً من تلقاء نفسه، نابع من فطرة الإنسان الداخلية على عمل الخير، غالباً ما يكون العمل التطوعي بلا أجر.

من أهم سمات العمل التطوعي أنه عادة ما يكون لسد ثغرة معينة في مجالٍ ما أو مجتمعٍ ما، عادةً يكون تحت إشراف منظمة، مؤسسة أو جمعية، أو تابع لهيئة حكومية معنية في التنمية الإجتماعية والبشرية وتابع لتنظيم الهيئة المسؤولة عنه، لا يوجد أي هدف مادي أو ربحي للأفراد والمنظمة القائمة على العمل التطوعي، الأحكام و التشريعات التي تحكم العمل التطوعي عادةٍ ما تتميز بمستوى عالي من المصداقية والشفافية إضافة إلى المساواة وخالية من النزاعات والمحسوبيات.

أما بالنسبة لمميزات العمل التطوعي فمنها من يعود على الفرد المُقدم على العمل ومنها من يعود على المجتمع والفرد المنتفع:

1- على الفرد المُقدم على العمل 

الحصول على خبرات ومهارات جديدة متنوعة هامة في صقل الذات 

الإستفادة من وقت الفراغ وكسر حاجز الروتين والملل

يساهم في تحسين نفسية الفرد إلى حد كبير ويبث السعادة في الفرد مما ينعكس إيجابياً على آدائه في المجتمع

التخلص من حب الأنا والسلوكيات الأنانية حيث يجعل نظرة الإنسان متعمقة لإحتياجات الآخرين لا تقتصر على حياته الشخصية فحسب 

تطوير شخصية الفرد وإنكار جميع الخصال السلبية فيه

إكتساب صداقات وتبادل الخبرات المختلفة

2- على المجتمع والفرد المنتفع

يعد العمل التطوعي من أبرز الأنشطة المساهمة في تطور ونهضة المجتمع

تخفيف وربما حل المشكلات المؤثرة في المجتمع و أفراده حل جذري

الإرتقاء بالقيم الإنسانية والمبادئ في المجتمع 

سد الثغرات المادية، الإجتماعية والمعنوية بين المنتفعين والمجتمع

الحد من من انتشار العدائيّة بين الأفراد في المجتمع


المرأة والعمل التطوعي

قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)سورة لنحل97. برزت في فضاء العمل التطوعي ثلة من النساء في تاريخنا، عربياً وعالمياً اللاتي أخذن على عاتقهن تقديم خدمات جليلة للمجتمع، وجسدن بحق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يقوم على خدمة أفراد المجتمع، لتحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي، إضافة إلى إستثمار أوقات الفراغ لتغذية العمل التطوعي والوعي الإجتماعي، وتحفيز أفراد المجتمع للإقبال على هذه الثقافة التي يعد تطورها مؤشراً صحياً على صحة وسلامة المجتمع وتطوره.

شاركت المرأة بقوة في عملية التنمية المستدامة، كما حققت إنجازات كبرى ملموسة على صعيد العمل التطوعي، كما قدمت المرأة إسهامات واضحة في مختلف القطاعات التطوعية سواءً الصحية أو الإجتماعية أو الإنسانية على مر العصور.

برزت مبادرات عدة كما خصصت جوائز كثيرة استهدفت تعزيز ثقافة العمل التطوعي لدى المرأة عربياً وعالمياً، وترسيخها وتعميمها بين أفراد المجتمع كافة، خاصةً أن التطوع لا يرتكز على جانب معين، بقدر ما أنه ينفتح على المجتمع ككل.

عمل المرأة التطوعي له أبعاد كثيرة، إذ هناك الفعل التطوعي الفردي الذي تقوم به المرأة بدافع حب الوطن والانتماء له، تمكين المجتمع، وتقديم العون والمساعدة، إلى جانب وجود عمل تطوعي يتجاوز الجهد الفردي إلى المؤسسي، بحيث إن هناك نساء يعملن في العمل التطوعي تحت إطار مظلة رسمية تعمل على تقدير إحترام وتحفيز العمل التطوع بكافة جوانبه.

إن تمكين المرأة في العمل التطوعي يحتاج إلى تضافر الجهود كافة وتذليل العقبات نحو تدعيم دورها في هذا العمل الذي يعد جزءاً من النسيج الثقافي والاجتماعي لأفراد المجتمع، كلما تعزز دور المرأة في العمل التطوعي، تعزز دور المجتمع.

1- أسماء لامعة من تاريخنا الإسلامي في العمل التطوعي والخيري:

خديجة بنت خويلد، بذلت في سبيل الإسلام كل مالديها من مال وأنفقته في سبيل الله، وجعلته تحت تصرف النبي صلى الله عليه وسلم

أم عطية نسيبة الأنصارية، شاركت في 7 غزوات مع نبينا الكريم فكان دورها التطوعي هو إعداد الطعام للمقاتلين، وتضميد الجرحى، ومساعدة المرضى

أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية، كانت تخرج مع المسلمين في غزواتهم لتزويدهم بالمياه، وتضميد الجرحى، بل أنها قاتلت مع النبي  في غزوة أحد للدفاع عن رسول الله

2- أبرز نساء العصر الحديث في العمل التطوعي

أوبرا وينفري

أنجيلينا جولي

مالالا يوسفزي

سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي

أمل حجازي


النشمية والعمل التطوعي

بالرغم من المعوقات الشائكة التي تواجه مجتمعنا ككل والمرأة خاصة سعت النشمية لتذليل المعيقات أمامها في شتى المجالات ومجال العمل التطوعي لتضرب لنا أبرز الأمثلة في العمل الإجتماعي والنشاط التطوعي بداية الذكر بمساهمات جلالة الملكة وتشجيعها للمؤوسسات والجمعيات الخيرية النسوية والنشاطات المختلفة في المحافظات، القرى، والمناطق النائية. إضافة للعديد من المبادرات التي أطلقتها وأشرفت عليها الأميرة بسمة في العمل الخيري والتطوعي ومساهمات الأمير سمية في الأنشطة الإجتماعية ومبادرات العمل التطوعي، نجد العديد من النماذج البارزة والقدوة الحسنة بيننا التي جسدتها المرأة الأردنية في العمل التطوعي بمختلف مجالاته مثل:

هيفاء البشير

عدلة الشوملي

عزيزة المشني

لبنى سمحان

والعديد غيرهن من بنات مجتمعنا


العمل التطوعي هو ثقافة، عطاء بلا حدود، تصرف عفوي نابع من الفطرة الإلآهية، سلوك تحفيزي للأفراد، المؤسسات والمجتمعات للمضي قدماً يعمل على تطوير التنمية المستدامة والمجتمعات، ذو قيم وإيجابيات لا تعد ولاتحصى تنعكس على مدى الزمن القصير والبعيد يجني العالم ككل ثماره فهو يحسن حياة الفرد بكافة الأبعاد وينمي روح الإنسانية والتعاون بدايةً؛ لذلك علينا العمل على ترسيخ مفهوم العمل التطوعي، إحتواء الجمعيات والمؤسسات الخيرية ودعمها، العمل على تذليل المشاكل والصعوبات التي قد تقف بصدد العمل التطوعي وعمل المرأة التطوعي خاصة، نحن بحاجة للسعي والمواظبة على تعميق ثقافة العمل التطوعي، ودعوة المرأة للانخراط أكثر في هذا العمل.

إرسال تعليق

0 تعليقات