ترامب في حلبة الصراع

مشاهدات



زيد الحلي


لم يكن “بوريس جونسون” رئيس وزراء بريطانيا اول المصابين بفايروس كورونا ، ولن يكون الرئيس الامريكي “ترامب” آخر المصابين ، من رجالات الدول العظمى ، وفي بلدين هما الاكثر نماءّ بالتطور العلمي، والاهم في الواقع الصحي ، فالوباء لا يعرف أحدا، لان البشرية كلها امامه ، سواء بسواء .. فماذا يعني ذلك ؟ هذا السؤال ، اعرضه على السواد الاكثر من شعبنا ، فهم حتى هذه اللحظة، بين من لا يعترف بهذا الوباء ، وبين مستهزئ به ، لذلك نراهم غير عابئين بتوجيهات الدوائر الصحية ، وكل ما تبثه وسائل الاعلام من تحذيرات ومن وصايا احترازية لمواجهة هذا الفايروس الاسود ، الذي وجد ملاذا في بلدنا ، نتيجة عدم التباعد الاجتماعي ، ورفض وضع الكمامات والكفوف ، والاصرار على التزاور ، والتبضع من الاسواق المكتظة بالمواطنين ..

وليس سرا القول ، ان ابواق عديدة ، تطرق آذاننا من هنا وهناك ، وبين مدة واخرى ، تقول ان هذا الفايروس ” كذبة ” ولا وجود له ، وما يتم الحديث حوله ، مجرد ” محركات ” سياسية يُراد بها “ضعضعة” المجتمع لغايات في اذهان جهات معينة ، لا تريد الخير للمواطنين ! عجيب ، مثل هذه ” الترهات ” وهذه الاكاذيب التي نسمعها ، وبعضها ينطلق من وسائل اعلام من خلال لقاءات مع مواطنين بسطاء في الاضاءات المباشرة من الاسواق والمناطق السكانية ، لاسيما في المدن والقصبات التي تفتقد الى الثقافة العامة ، ونقص الخدمات ، وتنتعش فيها الامية .. ولعل أهم ما يدعو البعض من هؤلاء المواطنين ، إلى الاعتقاد بعدم وجود هذا الوباء القاتل ، هو الخوف الناجم عن الالتزام بالمعايير الصحية ، كونه يزيد من العبء المالي عليهم ، فاصبح عدم التصديق بالمرض وسيلة لحماية الذات ، ما ادى بفعل العادة إلى انعدام الشعور الأخلاقي بمساوئ نكران حقيقة وجود ” كورونا” وإلى نشوء وتزايد الانسجام بين المصلحة الفردية ، وهذا النكران، وباتساع دائرة هذه الحالة المؤسفة ، تفشت ظاهرة زيادة حالات الاصابة اليومية بهذا الوباء ، حيث احتل العراق مرتبة متقدمة جدا في سلم الاصابات ، وهي حالة مقلقة ، تدعونا الى وقفة تأمل ، واتخاذ اجراءات صارمة أزاءها . وبهذا الصدد ، اعتب كثيرا ، على المسؤولين الذين لم يتنبهوا عن (قصد او دراية) لممارسات بعض المواطنين ، بعدم الالتزام بالوصايا الطبية والصحية ، التي تكررها في الاعلام وفي البيانات الرسمية ، وتذيلها بوعود باتخاذ اجراءات شديدة ، لكن واقع الحال ، يشير الى ان ما تم هو مجرد كلام على الهواء وقد غاب عن اذهان المسؤولين، ان العلاقة الوطيدة بين الوعد باتخاذ اجراءات ” صارمة ” ، هـي علاقـة الجـزء بالكل، فقول المسؤول بمثابة الجزء والتطبيق بمثابة الكل، والوعود التي لم تتحقق تعـد أحـد أساليب الانتكاسات المجتمعية ! ان اتساع مساحة الاصابات ، يقابلها عدم جدية المواطن في الحد منها ، باتت مسألة محيرة … صحيح ان المواطن العراقي ، المبتلى بآراء متقلبة في السياسة والاقتصاد ، يحتاج الى من يعيد اليه قوته الداخلية وإلى طمأنة نفسه من خلال شعوره برعاية الدولة له ومصارحته بكل شيء ، حتى يدرك أنه شخص جيد ، يستحق العيش من دون إرهاق مزمن من خوف مرضي مسيطر عليه منذ بدء صباحه ، فبلوغ القوة الداخلية وعكسها على أنفسنا وحياتنا اليومية ليس بالأمر السهل ، وعلى من بيدهم القرار في وطن مشوش ، السعي الى كبح كل ما هو سلبي.. لأن الإحساس بالمناعة والتقدير للحياة يكسبنا نوعا من القوة، وهي الامتنان لما هو جميل وخير… لكن من اين تأت المناعة ونحن نعيش في بحر متلاطم من المشاكل والتصريحات وعراك الفضائيات واخبار السرقات والقتل والسحت الحرام.. ؟

اخي المواطن ، عائلتك ، انت مسؤول عنها، وخذ العبرة من رئيس وزراء بريطانيا ورئيس امريكا .. فكورونا فايروس خبيث يبحث عن ثغرة ليست على بال ..فهو تتجول في القصور والقرى !

إرسال تعليق

0 تعليقات